الرحيل :
تثاءب قليلا قبل أن يستيقظفتح بهدوء نافذة كوخه المتهالك الوحيدة،و عبر أوسع ثقب وجده في الستاربدا لعينيه الباهتتين أن غيوما مكفهرة قد سبقت فجر ذلك اليوم الكئيب.استغاث بمرآة قديمة كي يتفحص ملامح وجههحينما حملق في الصورة المعكوسةألفاها جمجمة مبتسمة….بلا عظام
—————————
رشوة :
(1) رشوة أم سعر عرفي؟
لمح السائق المتثائب نقطة ضوء حار قادمة من أمامه على بعد أمتار قليلة، أدرك أن رجال الدرك يتهيؤون لإيقاف عربته الثقيلة بعد أن تبين من صوتها أنها تحمل وزنا يفوق القدر المسموح به طبقا للقانون. كانت الشاحنة محملة بمخزون خبز و متجهة صوب قرية معزولة، يعيش سكانها السذج، أصحاب الأفكار البدائية هادئة الوطيس، على الخبز الرديء القادم من المدينة البعيدة.
و قبل أن يطفىء السائق المرعوب المحرك، فوجىء بأمر شديد البرودة :
- انزل، لقد ارتكبت مخالفة حمل وزن زائد- أعتذر حضرة الضابط، لكن كيف…- الصوت المتهالك يثبت المخالفة ضدك، لا فرصة للإعتراض.
بدا الضابط غبيا و هو يستعد لتحرير محضر المخالفة، إذ لا يوجد أي رجل أمن بمثل غبائه المزيف، أ يدل صوت عربة عتيقة على وزر مضاعف؟ ما الفائدة، إذن، من استحداث مراكز قياس أوزان الشاحنات عبر محطات متفرقة من الطريق؟
- ما هو السعر القانوني للمخالفة حضرة الضابط؟- 850 دولارا لا ينقصها سنت واحد.- و ما هو السعر العرفي؟- 50 دولارا.
(2) رشوة اجتماعية الهوى؟
تفحص رجل الأمن الورقة النقدية، وضعها بتؤدة في جيب بذلته البالية و أذن للسائق باستكمال رحلته. غادرت الشاحنة الحاجز بسلام، و وصل الخبز دون تأخير إلى الجياع.
———————————–
انهيار :
عندما بدأت خطواته تتسارع، كان يوزع نظراته المترنحة على جوانب العالم المتقلص من حوله…اقترب من الجسر الشاهق، حملق بهدوء في مراكب الصيد الواقفة عند حافة الشاطىء…كانت كل ملامح وجهه كئيبة، توحي الى المسافر عبرها بحقيقة وحيدة، إنه يودع هذا العالم.
ألقى بشارة الإنتماء لسلك الشرطة إلى البحر، استخرج الريفولفر بهدوء، و أفرغ الرصاصة الأخيرة داخل رأسه. تمايل جسده قليلا قبل أن يهوي إلى البحر الذي ابتلع الإنسان و التاريخ بعيدا عن صخب الوجود، لدى انتشال جثته عثروا على ابتسامة باهتة رسمها بعناد على شفتيه، كما كانت يده اليمنى قد عصرت صورة سيدة و أتلفت تقاسيمها التعريفية.
———————————-
الوصية :
تلاحقت الأنباء عن احتلال مقاله حول مفهوم تداول السلطة لإهتمامات معظم وسائل الإعلام الوطنية و الدولية. تلقى رسالة تهنئة فارهة من رئيس نقابة الصحافيين و العديد من الهيآت الحقوقية و السياسية. طفق يكتب مقالة الغد إلى أن دلف مدير التحرير إلى مكتبه المكتظ بالأوراق :- ماذا تكتب للغد أستاذ أليم؟- على رأي ناجي العلي، أكتب وصيتي.بدا أن الفكرة راقت مدير التحرير، غير أنه استدرك بصوت مترنح :- أستاذ أليم، أتمنى أن تفسر للقارىء أسباب شغفك بالإنطباعات العالمثالثية.
تثاءب قليلا قبل أن يستيقظفتح بهدوء نافذة كوخه المتهالك الوحيدة،و عبر أوسع ثقب وجده في الستاربدا لعينيه الباهتتين أن غيوما مكفهرة قد سبقت فجر ذلك اليوم الكئيب.استغاث بمرآة قديمة كي يتفحص ملامح وجههحينما حملق في الصورة المعكوسةألفاها جمجمة مبتسمة….بلا عظام
—————————
رشوة :
(1) رشوة أم سعر عرفي؟
لمح السائق المتثائب نقطة ضوء حار قادمة من أمامه على بعد أمتار قليلة، أدرك أن رجال الدرك يتهيؤون لإيقاف عربته الثقيلة بعد أن تبين من صوتها أنها تحمل وزنا يفوق القدر المسموح به طبقا للقانون. كانت الشاحنة محملة بمخزون خبز و متجهة صوب قرية معزولة، يعيش سكانها السذج، أصحاب الأفكار البدائية هادئة الوطيس، على الخبز الرديء القادم من المدينة البعيدة.
و قبل أن يطفىء السائق المرعوب المحرك، فوجىء بأمر شديد البرودة :
- انزل، لقد ارتكبت مخالفة حمل وزن زائد- أعتذر حضرة الضابط، لكن كيف…- الصوت المتهالك يثبت المخالفة ضدك، لا فرصة للإعتراض.
بدا الضابط غبيا و هو يستعد لتحرير محضر المخالفة، إذ لا يوجد أي رجل أمن بمثل غبائه المزيف، أ يدل صوت عربة عتيقة على وزر مضاعف؟ ما الفائدة، إذن، من استحداث مراكز قياس أوزان الشاحنات عبر محطات متفرقة من الطريق؟
- ما هو السعر القانوني للمخالفة حضرة الضابط؟- 850 دولارا لا ينقصها سنت واحد.- و ما هو السعر العرفي؟- 50 دولارا.
(2) رشوة اجتماعية الهوى؟
تفحص رجل الأمن الورقة النقدية، وضعها بتؤدة في جيب بذلته البالية و أذن للسائق باستكمال رحلته. غادرت الشاحنة الحاجز بسلام، و وصل الخبز دون تأخير إلى الجياع.
———————————–
انهيار :
عندما بدأت خطواته تتسارع، كان يوزع نظراته المترنحة على جوانب العالم المتقلص من حوله…اقترب من الجسر الشاهق، حملق بهدوء في مراكب الصيد الواقفة عند حافة الشاطىء…كانت كل ملامح وجهه كئيبة، توحي الى المسافر عبرها بحقيقة وحيدة، إنه يودع هذا العالم.
ألقى بشارة الإنتماء لسلك الشرطة إلى البحر، استخرج الريفولفر بهدوء، و أفرغ الرصاصة الأخيرة داخل رأسه. تمايل جسده قليلا قبل أن يهوي إلى البحر الذي ابتلع الإنسان و التاريخ بعيدا عن صخب الوجود، لدى انتشال جثته عثروا على ابتسامة باهتة رسمها بعناد على شفتيه، كما كانت يده اليمنى قد عصرت صورة سيدة و أتلفت تقاسيمها التعريفية.
———————————-
الوصية :
تلاحقت الأنباء عن احتلال مقاله حول مفهوم تداول السلطة لإهتمامات معظم وسائل الإعلام الوطنية و الدولية. تلقى رسالة تهنئة فارهة من رئيس نقابة الصحافيين و العديد من الهيآت الحقوقية و السياسية. طفق يكتب مقالة الغد إلى أن دلف مدير التحرير إلى مكتبه المكتظ بالأوراق :- ماذا تكتب للغد أستاذ أليم؟- على رأي ناجي العلي، أكتب وصيتي.بدا أن الفكرة راقت مدير التحرير، غير أنه استدرك بصوت مترنح :- أستاذ أليم، أتمنى أن تفسر للقارىء أسباب شغفك بالإنطباعات العالمثالثية.