في الديمومة
يحاول الإنسان في هذا الوجود الصاخب، أن يثقب السماء بارتساماته المتمردة، اعتقادا منه أن للأسفل دوما نهاية. و على النقيض من الفكرة الشائعة التي تربط خلود الإبداع البشري كشيء موضوعي، ككتلة من الانطباعات و الآراء بالحاضر، فإن الماضي لا يتوقف و المستقبل لا يتوقف، الحاضر هو الذي نقول عنه و نحن مطمئنون : " لقد انتهى ". فلماذا نربط الخلود و الشهرة التي تجسد غايات لا متناهية التحديات بامتداد زمني قابل للزوال؟
يتوجب على الإنسان أن يدرك حقيقة لا نسبية فيها، هذه الحقيقة التي نتجاوزها خوفا تقول بكل وضوح : " الإنسان مجرد ذكرى و عليه أن يسعى جاهدا من أجل تجميل ذكراه في أذهان الآخرين ".
الإنسان يواجه نوعين من الرحيل : نوع بيولوجي محض يمكن أن تتحكم فيه متفاعلات نفسية و اجتماعية و وظيفية، و نوع إنساني محض وحده الإنسان المعني به من يملك صلاحية التصرف فيه.
إن من يضعون الرحيل البيولوجي في مستوى هام يقرؤون بهدوء التاريخ من واجهته الأمامية المليئة بالتزييف، و رغم ذلك فهذا النوع من الرحيل يسمح لنا بقياس مدى نجاح تجربة اسقاط جزء من الماضي على المستقبل. باستطاعتنا إذن أن نخلق تغييرات في صالحنا عبر الماضي لأننا نقترب منه رويدا رويدا و المستقبل هو المرآة التي تعكس بصدق تطور هذا الإقتراب(رغم أننا لن نعيش المستقبل)…
أما الحاضر فقد عشناه و انتهى.