قطعة الفلين اللعينة أول حاجز أمام الحقيقة
أخلاق المحارب تتسم بالصرامة، إذ يتوجب عليه الالتزام بها إلى أن يغدو روحا بلا جسد. يرفض الانتماء الى نوعية الأشخاص الذين يتحدثون باسهاب عن الأخلاق دون مراعاتها. أداء الواجب، تنفيذ الأوامر، المحافظة على أسرار الفصيل، قواعد جوهرية يقدم المحارب حياته من أجلها إن اقتضت الظروف. هل يتساءل عن علاقة أهداف رؤسائه بالخير؟ عليه أن يتقيد بالضوابط.
في شأن أخلاق المحارب التي ربطتها الأساطير الاغريقية القديمة بالخير و البطولة و الصلابة، يرى ألبرت آينشتاين أن الجنود ليسوا بحاجة إلى الدماغ، مهامهم تتطلب التوفر على نخاع شوكي متطور يؤدي وظيفته المنحصرة في رد الفعل بمهارة عالية. داخل الصراعات الدائمة بين آلهة الاغريق، كان الطرف الثالث أو الأداة متحصلا على أهمية بالغة، فالملاحظ أن الصراعات المباشرة بين الآلهة غير موجودة إذ أنها لا تقبل تنفيذ واجبات الفنيين و الرسل. إذا احتاج إله السماء زايوس إلى ترتيب حسابات ملحة مع إله الشمس هليوس، فسيعين مبعوثا يزوده بالقدرات الخارقة له و لحلفائه و أنصاره و لن يقوم بنفسه بالاجراءات العملية، إذ أن أبغض الأوصاف لدى اليونانيين القدامى الأنانية المفضية دوما الى العبث الغريزي، كما أن القتل غير المشروع و اقتراف السلوكات المسيئة للمجتمع تلاحق الآلهة مقترفيها.
المحارب ليس اسم فضيلة، يجوز له استخدام الشرف و الخداع من أجل الاخلاص للأوامر الموكولة إليه، كما أنه ليس صفة مثالية تشير الى التمرد على أشكال الظلم، قد تكون اشاعة الظلم إحدى الوسائل التي يستعملها المحارب لفرض ما صور له خلاصا للبيئة الفكرية و الاثنوغرافية التي ينتمي إليها. قد يبدو القول إن الانسان يجسد مجتمعا بالنسبة لأخيه الانسان متحليا بالشاعرية، غير أن نظرية الاجتماع التي تتطرق الى الظواهر المصاحبة للتفاعل الخارجي بين الأفراد، و التي تفضي إلى تكوين مجموعات موصوفة بالتناغم الداخلي و مساهمة في ايجاد مجموعات بشرية غير متجانسة، كرست للفردانية، فالفرد الواحد هو نفس المجموعة البشرية التي تكونت بفعل أفكاره و اعتقاداته و التي لا يمكن أن تكون مجموعة قائمة بذاتها إلا إذا زعمت أنها المالكة الحقيقية للصواب المطلق أو للشطر الأكبر حجما من الصواب.
نظرية المحارب التي وضعها سان سيمون و و من بعده إنجلز و ماركس تمنح للقوة التي أسستها الجماعة ( الدولة ) الأولوية و الاحتكار في السيطرة على الانتاج، بيد أن سان سيمون يبدو أكثر ايمانا بالصواب الجماعي المطلق الذي تمثله أفكاره حينما يدعو إلى تحويل ارث الأشخاص الهالكين الى الدولة و ليس الى الورثة. أوجست كونت تلميذ سان سيمون يستدرك الانفعال المثالي الذي يتسم به موقف معلمه و يدعو الى التحلي بخصلة الايثار كغطاء لدعوته الى تنميط الفكر و توحيد مناهجه أي ممارسة القمع السلمي قبل الانصراف الى اشكاليات التقدم و التنمية.
القمع السلمي المخفي بقناع الايثار أسماه محارب اجتماعي آخر هو الفرنسي اميل دوركايم التربية، فالتربية في معنى خلق التجانس بين المكونات المجتمعية و خصوصا من خلال الذاكرة الجمعية ( أحداث تاريخية مشرفة، مشتركات دينية و لغوية ...) هي الأساس الذي يتيح بناء مجتمع منظم وفق مشتركات موضوعية محمية بالقوة الجماعية و هذا الوصف ينطبق على مفهوم " الدولة ". إلا أن المجتمع لا يختلف عن طرفي الفكرة، يوجد مرسل و يوجد متلق، يوجد الفرد الخلاق و يوجد الفرد المتلقي، و يوجد طرف ثالث هو الطرف المتلقي لكن الممارس للتأويل و الذي يعطي لواضع الفكرة دور الخلية الأم أثناء تطور نسيج خلوي حي.
الرونن هم فرقة من مقاتلي الساموراي بلا قائد، إذ فقدوا رئيسهم، و تفاديا للعمل لتحقيق مصالح شخصية أو الانتماء الى قائد آخر، فضلوا طريق الشرف و الأسطورة فمارسوا طقس الانتحار الجماعي.
المحارب الآن جالس إلى منضدة مع خبير محنك في سموم الأفاعي، و بينما كان حديثهما مركزا على تشويق مشهد الغروب داخل هذه المنطقة المليئة بنوع فتاك من الأفاعي، أخرج الخبير في سم الأفاعي قارورة صغيرة تحتوي على سائل يشبه الماء و وضعها وسط المنضدة ثم قال لجليسه :
- إن كنت تثق بي اشرب الماء الذي يتواجد داخل هذه القارورة.
هذا المشهد يجسد إلى الآن أخلاق المحارب و علاقة الأخلاق بالتطور العلمي المتواصل كما يجسد أساس النزاعات العالمية لأنه المشهد الموجود داخل كل واحد منا...فأزيلوا أصابعكم المبللة عن قطعة الفلين و دعوها تطفو...فالأشياء المصنوعة من الفلين لا تغرق في الماء.
أخلاق المحارب تتسم بالصرامة، إذ يتوجب عليه الالتزام بها إلى أن يغدو روحا بلا جسد. يرفض الانتماء الى نوعية الأشخاص الذين يتحدثون باسهاب عن الأخلاق دون مراعاتها. أداء الواجب، تنفيذ الأوامر، المحافظة على أسرار الفصيل، قواعد جوهرية يقدم المحارب حياته من أجلها إن اقتضت الظروف. هل يتساءل عن علاقة أهداف رؤسائه بالخير؟ عليه أن يتقيد بالضوابط.
في شأن أخلاق المحارب التي ربطتها الأساطير الاغريقية القديمة بالخير و البطولة و الصلابة، يرى ألبرت آينشتاين أن الجنود ليسوا بحاجة إلى الدماغ، مهامهم تتطلب التوفر على نخاع شوكي متطور يؤدي وظيفته المنحصرة في رد الفعل بمهارة عالية. داخل الصراعات الدائمة بين آلهة الاغريق، كان الطرف الثالث أو الأداة متحصلا على أهمية بالغة، فالملاحظ أن الصراعات المباشرة بين الآلهة غير موجودة إذ أنها لا تقبل تنفيذ واجبات الفنيين و الرسل. إذا احتاج إله السماء زايوس إلى ترتيب حسابات ملحة مع إله الشمس هليوس، فسيعين مبعوثا يزوده بالقدرات الخارقة له و لحلفائه و أنصاره و لن يقوم بنفسه بالاجراءات العملية، إذ أن أبغض الأوصاف لدى اليونانيين القدامى الأنانية المفضية دوما الى العبث الغريزي، كما أن القتل غير المشروع و اقتراف السلوكات المسيئة للمجتمع تلاحق الآلهة مقترفيها.
المحارب ليس اسم فضيلة، يجوز له استخدام الشرف و الخداع من أجل الاخلاص للأوامر الموكولة إليه، كما أنه ليس صفة مثالية تشير الى التمرد على أشكال الظلم، قد تكون اشاعة الظلم إحدى الوسائل التي يستعملها المحارب لفرض ما صور له خلاصا للبيئة الفكرية و الاثنوغرافية التي ينتمي إليها. قد يبدو القول إن الانسان يجسد مجتمعا بالنسبة لأخيه الانسان متحليا بالشاعرية، غير أن نظرية الاجتماع التي تتطرق الى الظواهر المصاحبة للتفاعل الخارجي بين الأفراد، و التي تفضي إلى تكوين مجموعات موصوفة بالتناغم الداخلي و مساهمة في ايجاد مجموعات بشرية غير متجانسة، كرست للفردانية، فالفرد الواحد هو نفس المجموعة البشرية التي تكونت بفعل أفكاره و اعتقاداته و التي لا يمكن أن تكون مجموعة قائمة بذاتها إلا إذا زعمت أنها المالكة الحقيقية للصواب المطلق أو للشطر الأكبر حجما من الصواب.
نظرية المحارب التي وضعها سان سيمون و و من بعده إنجلز و ماركس تمنح للقوة التي أسستها الجماعة ( الدولة ) الأولوية و الاحتكار في السيطرة على الانتاج، بيد أن سان سيمون يبدو أكثر ايمانا بالصواب الجماعي المطلق الذي تمثله أفكاره حينما يدعو إلى تحويل ارث الأشخاص الهالكين الى الدولة و ليس الى الورثة. أوجست كونت تلميذ سان سيمون يستدرك الانفعال المثالي الذي يتسم به موقف معلمه و يدعو الى التحلي بخصلة الايثار كغطاء لدعوته الى تنميط الفكر و توحيد مناهجه أي ممارسة القمع السلمي قبل الانصراف الى اشكاليات التقدم و التنمية.
القمع السلمي المخفي بقناع الايثار أسماه محارب اجتماعي آخر هو الفرنسي اميل دوركايم التربية، فالتربية في معنى خلق التجانس بين المكونات المجتمعية و خصوصا من خلال الذاكرة الجمعية ( أحداث تاريخية مشرفة، مشتركات دينية و لغوية ...) هي الأساس الذي يتيح بناء مجتمع منظم وفق مشتركات موضوعية محمية بالقوة الجماعية و هذا الوصف ينطبق على مفهوم " الدولة ". إلا أن المجتمع لا يختلف عن طرفي الفكرة، يوجد مرسل و يوجد متلق، يوجد الفرد الخلاق و يوجد الفرد المتلقي، و يوجد طرف ثالث هو الطرف المتلقي لكن الممارس للتأويل و الذي يعطي لواضع الفكرة دور الخلية الأم أثناء تطور نسيج خلوي حي.
الرونن هم فرقة من مقاتلي الساموراي بلا قائد، إذ فقدوا رئيسهم، و تفاديا للعمل لتحقيق مصالح شخصية أو الانتماء الى قائد آخر، فضلوا طريق الشرف و الأسطورة فمارسوا طقس الانتحار الجماعي.
المحارب الآن جالس إلى منضدة مع خبير محنك في سموم الأفاعي، و بينما كان حديثهما مركزا على تشويق مشهد الغروب داخل هذه المنطقة المليئة بنوع فتاك من الأفاعي، أخرج الخبير في سم الأفاعي قارورة صغيرة تحتوي على سائل يشبه الماء و وضعها وسط المنضدة ثم قال لجليسه :
- إن كنت تثق بي اشرب الماء الذي يتواجد داخل هذه القارورة.
هذا المشهد يجسد إلى الآن أخلاق المحارب و علاقة الأخلاق بالتطور العلمي المتواصل كما يجسد أساس النزاعات العالمية لأنه المشهد الموجود داخل كل واحد منا...فأزيلوا أصابعكم المبللة عن قطعة الفلين و دعوها تطفو...فالأشياء المصنوعة من الفلين لا تغرق في الماء.