13 يوليو 2011

لأن العشق...لا يموت

يرسم المشهد الدامس المستبد بمكتبه المقفر حياة أخرى ، أكثر رعبا، للموقف العتيق المرافق لسلطة العشق

للأفكار المستمدة من كتابات جدارية مترنحة نقشها أحد نزلاء سجن سحيق بأظفاره المتورمة...

تتبدى التفاتة قسرية  

 السجن الكبير هو ذاك الحب المخذول...

ذاك المنفى المحروق الشغوف بافتراس الأحلام النزيهة.

 رغم الكآبة الشاحبة المنتشرة حيثما انتقلت الأنظار القاحلة الراحلة إليه، فإن منفى العشق،  جميل، خلاب، لاذع...

 يشعرك بعجزك،

المنفى لا لون له، يتجسم مثلما يتجسم أي انطباع سواء كان مسرورا أو حالكا،

عندما تكتب و تحلم...

 ثم تتأهب لإنجاز وصيتك و الابتسامة الجافة تحرق شفتيك، فأنت أحد سكان منفى العشق الأوفر حظا.

عندما تنظر إلى المرآة فتبقى صفحتها صافية،  

عندما لا تلفي انعكاس صورتك الواقعية في المرآة،  

عندما تتساءل باحتراس ممتزج بالخوف : من يطاردني؟

عندما تتوقف عن التفكير في اللحظات القادمة...

للكأس الشفافة،

للقلم المتثاقل

لقطرات المطر العالقة بزجاج النافذة

للذة الألم التي تغمر بها روحي  قبل كل إغفاءة مسائية

لأنوثتها الملكية

للارتسام المائي

للطفلة البريئة القاطنة في أعماقها

سأظل أعشقها....

30 يناير 2011

أنوثة

في أحشاء زقاق شبه مكتئب
وجدت أخيرا معنى مستقرا للمقادير

أخبرتني حينما كنت طفلا مرتعبا
إن النقود لا رائحة لها
البترول يفند قولك المحروق
حينما انفجر أول خيط بترول...
غيرت ماكياج وجنتيك الفارهتين
اخترت لهما اللون الأسود
بعد أن عدت من عملك

وقتئذ...
طفقت أنصت إلى أخبار نهاية المساء
فجأة قفزت إلى جانبي...التصقت بي
كي تقولي لي
إنك تعشقين القرون الوسطى...إنك تعشقين مايكل آنجلو
كي تقولي لي
إنك غوثية

احتضنتني خلال اليوم الموالي
كي تقولي لي
حبيبي...لنضف الى توزيع دولاراتنا...رصيدا للادخار
و كي تقول لي
قبلتنا الأولى كانت تحت جسر
لم تستخدمه العربات منذ مدة سحيقة
فترعرعت فوقه حشائش خضراء متفرقة

الخوف المائي الذي عكسته صفحة الزجاج الشفاف
يتساءل مرتجفا :
أ ذاك نظام سياسي؟
أم سرير ؟


ذكرى وادي الدماء :

أجهزت على عرش نيرون إلهة النار التي تؤكد الميثولوجيا الإغريقية أنها أنثى، دكت كليوباترا مجد يوليوس قيصر، نسفت إيلينا أحلام شاوسيسكو، ألقت الشاهبانو الأخاذة بإمبراطورية الشاه إلى الجحيم، ختمت بالطلع السيء ماري على أبهة لويس، كانت السيدة فيتو قبل أن يكون هو السيد فيتو ...و طردت ليلى بن علي من قرطاج...أزف موعد الاعتراف الرجيم...إن السلطة أنثى،





24 يناير 2011

رثاء بائعات الهوى

يتحدث الواقع المعكوس عن المرأة التي تتعاطى الدعارة بازدراء ناضج. عندما تواجه الشقاء و شظف الحياة، تطلب من المجتمع أن يساعدها. بيد أنه يلتزم صمت الموتى. و عندما تغوص في عالم البغاء، يكون نفس المجتمع المظلم الذي رفض مساندتها في طليعة من يمارس الاقصاء في حقها.

لننصت قليلا إلى اعترافات الواقع و هو يصف الآثام القذرة المسكوت عنها. و لننصت أيضا إلى الافرازات السلوكية لتعاقب الليل و النهار، فكلنا نفهم مليا أن اشراق الشمس في منطقة من عالمنا تعني من بين ما تعنيه أن منطقة أخرى تغط في ظلام حالك.

فليعلم هذا المجتمع الذي يمارس معهن نزواته ليلا...و يلعنهن نهارا. فليعلم أن بائعات الهوى أشرف من زبنائهن

لا أنتمي طبعا إلى أتباع القراءة الموسومة ب " العمومية " إذ أن قضية بائعات الهوى تنتمي الى النطاقين الاجتماعي و التربوي، ايلاء الدوافع و الأسباب الأهمية العليا في عملية تحديد الموقف التفاضلي من هذه الظاهرة العابرة للأكوان و الأزمان يتعارض مع مبدأ أساسي مؤداه أن الانسان يولد و يحيا نقيا و المؤثرات القادمة من المجتمع هي التي توجهه إلى مسارات أخرى.

مفهوم " بائعة الهوى " قد لا يشمل الباحثات عن الثراء أو المؤمنات ببيع الأجساد لتحقيق تطلعات مادية بحتة. و رغم الانتقاد الشديد الذي يوجه إلى هذا الصنف من النساء فإننا جميعا ندرك أن الانسان يكتسب " الانحراف " قبل أن يروج له.

بائعات الهوى المشمولات جوهريا برثاء ممارسات المجتمع التي استمزجت ببراعة ارضاء النزوة و اعتمار وجهين متناقضين تتحدث عنهن كبريات الأعمال الروائية ضمن تيار الأدب الواقعي الكلاسيكي ( البؤساء ...).

بائعات الهوى لسن أصنافا متعددة باستخدام مقياس الدافع فهو الفقر و الاقصاء في جميع الحالات، لكن يمكن أن نتوصل إلى تصنيف حسب مقياس النتيجة و حسب الاستعمالات الاجتماعية أو النفعية للثروات المكتسبة ، كمثال مبسط جدا، يمكن أن نرسم خط التمييز بين بائعة هوى تستخدم أرباحها لبناء دور أيتام، مدارس ، و بائعة هوى تستخدم أرباحها لأغراض شخصية حصرية.

مثلما قال الفنان الفرنسي جورج براسنس في أغنيته الرائعة " مرثية فتيات المتعة " : " إنهن يتزوجن عشرين مرة خلال اليوم، و قال الشاعر جاك بريفير على لسان المرأة : " أنا أحب، لكن هي مشكلتي إن كان من أحبه ليس نفس الشخص كل مرة ". ربما قد يتذكر من لا يؤمنون بوجود السماء السابعة إلا تحت أضواء الشمس البيضاء.

21 يناير 2011

أنت تقطنين قلبي.


أستغرب كثيرا حينما تتسارع الأحداث، لأنني أحاول جاهدا أن أكون صانعها أو على الأقل أكون مستعدا لتطورها المباغت كي لا تتجاوزني. لطالما أدركت مليا أن الانتماء العاطفي واحد و ثابت مهما تتعدد البارامترات سواء الاجتماعية أو الفردية.

ما هو الإثبات الذي تريدين مني أن أجهزه كي تؤمني بحبي المخلص و النقي؟

لقد أشهدت العالمين حينما أكدت أنهن أجزاء من التراث المتبدل، كائنات تؤثث المعتاد اليومي البعيد عن الواقع العاطفي الروحي، أجل، أدليت بشهادتي العمومية من أجل أن تحتفظ بها الذاكرة العمومية. لقد أسهبت في مطلب الصراحة و امتثلت له، فلماذا أشعر بأن الاستياء يحوم حولي؟

قطع أركيولوجية قديمة لا يمكن أن تمنع عملية البحث الحثيث عن الحدود الدائمة بين الغابة و المدينة؟ هل أنا محتاج إلى التأكيد مجددا أن القطع الأركيولوجية تخبرنا عن أحشاء الماضي السحيق ؟ ذاك هو دورها و قد أنفقت جهدا متواصلا للميل به نحو حقيقته : الوجود الانساني الجماعي. نحن جماعة و لا يتسنى لأحدنا أن يلوذ ببيته و يوصد الباب عليه.

صدقيني إنني أحبك، و أنا سعيد جدا لأنني أحبك، و سأبقى حريصا على هذا الحب السيال. هذا الحب المشاكس، العريق، الحافل بالمتناقضات هو لك و لي، إنه علبة عجائبنا السرية، فلنرتب معا أشياءنا الصغيرة و الكبيرة و لنكتب الأفكار التي تخامرنا كلما أمسكنا بأحد خيوط هذه الجينيالوجيا الممتعة التي أنشأناها معا.

فليتذكر من يمتلك ذاكرة ثلاثية الأزمان :

إنني أحبك.

10 يناير 2011

مثلث الحب

ارتدى مزاجها الايحاء المتأرجح ، تبدى له بعد أن سافر عبر عينيها الواسعتين أنها تبحث عن متاهة تستطيع أن تقيم بها اعواد المشانق لكبرياء الرجل المزعوم...هي شفافة جدا، إذ يتعرف إلى رغباتها، استياءئها، سعادتها من خلال عينيها القادرتين على استيعاب موجودات الكون، صور الكون المعكوسة على عينيها أجمل من صوره الحقيقية...اعتاد على الجزم بذلك لكل من تقاسم معه التساؤلات المتلاطمة عن المرأة و الزمن و المكان.

عندما ينظر الى تفاصيل جسدها و هي تتمايل بهدوء مضمخ بالصخب...يشعر حقا أنه ينتمي الى أولئك الذين يعيشون اللحظة بسعادة عارمة...لذلك تتوقف نظرية النسبية الزمنية لآينتشاين...يتوقف الزمن كي يشعر بالحظ لأنه يتابع رقصتها القادمة من الأعماق الهندسية للريناتشيتا مثلما يقول أحفاد رواد الكوليزيه الروماني.

لقد أوقف معها النسبية عند حدها و تأكد له أنه مهما كان للشمس ما تراه من جحافل الموج الكسير و مهما كان للرب ما يراه من أقدار الخليقة، فإن له رائحة تلك الابتسامة الندية، و له تلك الرحلة المجيدة حول منحنيات متناسقة يرسمها بتفان خالص الثوب على الجسد، له تلك الجلسة الدافئة إلى اعتمالات الفكر...برفقتها يبدو هذا الوجود أكثر قابلية للحياة...هذا هو ما يحاول أن يقنع به العالمين...برفقتها يبدو هذا الوجود أكثر قابلية للحياة.

كانت مزيجا جينيالوجيا منسجما، همساتها، نظراتها المترنحة و الأكثر توزعا على الأشياء الجميلة تضعه أمام مشهد التحديق في مكونات لوحة تجريدية...لكن ثنائية الاقتراب و الابتعاد معكوسة، فكلما ابتعد يتراءى له صراع الألوان و كلما اقترب تتبدى له وريقات مذهبة لزهرة ازدان بها منبسط أخضر...لم يكن مشهدا تجريديا كلاسيكيا أبدا...لقد كان جديدا...إنه قمة الشعور بالحظ المنطلق بطلاقة نحو الأبدية.

كلما ازداد اقترابه...تتنازعه شراسة الرومانسية و شراسة الواقع

فضل أن يجلسهما حول مائدة تفاوض

التهبت مناوشاتهما

تقدمت نحوهما تمشي الهوينى...فصمتا...و تبادلا التهنئة بمقدمها

لقد اكتمل مثلث السعادة أخيرا

الرومانسية و الواقع يتصافحان...و هي، ذات الشفتين المغمستين بالورد

تحدثه عن كيف تتابع المد و الجزر على صفحة الرمل التي كتبت عليها اسميهما...و لم يستطيعا مسحهما....